هناك حدود تفرق بيننا وتمنعنا من التعرف على الآخرين. بعض تلك الحدود هي الوضع الاقتصادي، العرق، الملابس التي نرتديها، اهتماماتنا والطريقة التي نتصرف بها، الخ ... إنه من الطبيعي لدى الإنسان أن لا يبقي سوى مع أصدقاء يعرفهم من قبل. لكن يمكننا أيضا معرفة المزيد عن الآخرين وكسر الحواجز التي غالباً ما تمنعنا من التعرف على شخصيتهم الحقيقية.

لقد تم بناء 41 جداراً فاصلاً حتى الآن. تم بناء بعضها على الحدود بين بلدين، أخرى داخل أراضي متنازع عليها. وعلى نطاق أصغر، يتزايد أيضاً بناء الجدران حول التجمعات السكنية المميزة والتي نسميها "التجمعات السكنية المسيّجة". سواء كانت للتجمع أو للاستبعاد، كل تلك الجدران تفصل وتمثل واقعاً مادياً لا إنساني بين البشر.

هذه الجملة مستمدة من القصيدة المستعارة "إصلاح الجدار"، التي كتبها الشاعر الأمريكي روبرت فروست، ونشرت في عام 1914. وفقاً لفروست، ما يزال الناس في حاجة إلى حدود بارزة، حتى عندما يصعب عليهم تبرير وجودها. يمكن أن تنسب عبارة "الأسوار الجيدة تصنع جيرانا طيبين" إلى العبارة الإسبانية، "الجدار بين جارين يحافظ أكثر (يرسّخ) على الصداقة،" التي تعود إلى العصور الوسطى.

فكرة بناء جدار لإستبعاد شخص ما ليست ظاهرة جديدة. لكن منذ أحداث 11 سبتمبر، هيمن الرد الأمني على التحديات العالمية مثل الإرهاب والهجرة والفقر.

يتألف "السياج السريع" من شريط نسيجي طوله 39.4 كيلومتر يمتد عبر تلال مقاطعات سونوما ومارين في شمال كاليفورنيا. تمكّن هذا المشروع، الذي كان يهدف إلى ربط ثقافات الضواحي والمناطق الحضرية والطرق، من جلب أصحاب الماشية المحليين الذين لم يكن لهم إعتبار كثيربالفن. وفجأة، وجدوا أنفسهم جنباً إلى جنب مع جيرانهم للمساعدة في إنتاج هذا التركيب الضخم. سياج قام بالتوحيد، بينما تسعى أسياج اليوم للتفرقة.

وفقاً للكاتب الأمريكي ريس جونز، مؤلف كتاب "جدران الحدود" (2012)، وجود الجدار"يبرر التمييز بين منطقتين بوصفها 'أوطان' للشعوب. انقطعت كل الروابط التي ربما كانت موجودة من قبل، وقام الحاجز بزيادة تجريد الآخر من إنسانيته، ذلك الشخص الذي يوجد خارجه".

على مدى عقود، بدت قوانين جيم كرو وكأنها راسخة. في كتابه "عملية البواب وما بعدها" (2010)، تساءل الكاتب الأمريكي جوزيف نيفينزعما إذا كنا "في وقت غير بعيد من المستقبل، سيعيد الناس النظر في نظامنا الحالي للتمييز العنصري والمنصوص عليه قانونياً بنفس الاشمئزاز الذي نتصور به العبودية في الوقت الحاضر".

بعد أن بصق روجر ووترز على أحد المعجبين خلال حفل في ملعب مونتريال الأولمبي في يوليو 1977، شرح لمنتجه شعور الاغتراب الذي كان يعاني منه خلال الجولة. وأصبح حادث البصق بمثابة نقطة انطلاق ألبوم "بينك فلويد" الجديد: "الجدار" (The Wall). ويعتبر ذلك بمثابة أوبرا الروك التي تستكشف الهجر والعزلة، ويعبر عنها رمزياً بجدار مجازي.

ساعدتنا وسائط الاتصال الاجتماعي على إعادة تعريف فكرة المجتمع من خلال فتح فضاأت افتراضية تسهل مشاركة المعرفة، التبادل، النقاشات، الاجتماعات جمع الحشود. على خلاف الحدود التي تقسم الأرض المتجانسة إلى وحدات إقليمية، وبفضل شبكات التواصل الاجتماعي، يتكون العالم المعولم الذي نعيش فيه من تدفق و شبكات متحركة قلبت المنطق القديم وفتحت إمكانيات جديدة.